كلمة القائد النخالة في ذكرى الانطلاقة الجهادية وطوفان الأقصى

01:22 م الجمعة 11 أكتوبر 2024 بتوقيت القدس المحتلة

كلمة القائد النخالة في ذكرى الانطلاقة الجهادية وطوفان الأقصى

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على قائدِنا وسيدِنا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه ومن والاهُ إلى يومِ الدين.

{ولا تهِنوا ولا تحزَنوا وأنتُم الأعلَون إن كُنتُم مؤمنين * إن يَمسسكم قرحٌ فقد مَسَّ القومَ قرحٌ مِثلُه * وتِلك الأيامُ نُداولُها بينَ الناسِ وليَعلمَ اللهُ الذين آمنوا ويتَّخذَ منكم شهداءَ واللهُ لا يُحبُّ الظالمين} (آل عمران: 139-140)

السلامُ على الشهداءِ في كلِّ ساحاتِ المواجهةِ مع العدوِّ الصهيوني، والسلامُ على عوائلِ الشهداءِ جميعًا، والسلامُ على المقاتلينَ الشجعانِ الذين يُواجهون العدوَّ في الميدانِ في فلسطينَ ولبنانَ واليمنَ والعراقِ، ويُقدّمونَ أرواحَهم في سبيلِ اللهِ دفاعًا عن الأمةِ وهُويتها وأرضِها ومقدساتِها.

يا أمتَنا العظيمةَ المجاهدة، ويا شعبَنا الفلسطينيَّ العظيم، اليومَ نستحضرُ ذكرى انطلاقةِ حركةِ الجهادِ الإسلاميِّ في فلسطين، وفي نفسِ الوقتِ الذكرى الأولى لانطلاقِ معركةِ "طوفان الأقصى" التي أبدى فيها شعبُنا ومقاتلوهُ بلاءً عظيمًا، فملأتْ فلسطينُ الدنيا جهادًا وحضورًا، وأصبحتْ عنوانًا لكلِّ أحرارِ العالم (عدالةً وحريةً وشجاعة).

وكانتْ حركتُنا جزءًا فاعلًا فيها عبرَ مقاتليها في سرايا القدسِ البواسلِ والشجعان، وقد سجلوا حضورًا مميزًا لا يخفى على أحدٍ في كلِّ ساحاتِ المواجهة، من غزةَ المقاتلةِ بكلِّ ما تملكُ إلى الضفةِ التي لم يتوقفْ مقاتلوها عن الاشتباك.

معَ العدوِّ الصهيونيِّ على مدارِ سنواتٍ عبرَ كتائبِها المنتشرةِ في كافةِ المدنِ والمخيماتِ إلى الجبهةِ اللبنانيةِ، حيثُ يُقاتلُ مجاهدو سرايا القدسِ كتفًا إلى كتفٍ بجانبِ إخوانِهم مجاهدي المقاومةِ الإسلاميةِ، رجالِ الله، الذينَ وقفوا مقاتلينَ منذ اليومِ الأولِ لمعركةِ طوفانِ الأقصى، وفتحوا جبهةَ قتالٍ ومساندةٍ حقيقيةٍ انتصارًا لغزةَ وشعبِها المظلوم.

ومنذ اليومِ الأولِ لمعركةِ طوفانِ الأقصى كان قرارُنا واضحًا بضرورةِ وحدةِ قوى المقاومةِ في الميدان، وكذلك فعلنا، وفوّضنا الإخوةَ في حركةِ حماس بقيادةِ المعركةِ السياسيةِ وإدارتِها، وكنّا جنبًا إلى جنبٍ في الميدانِ قتالًا، وفي السياسةِ نُعطي رأينا كلما كانت هناك ضرورةٌ لذلك.

وكان الموقفُ الفلسطينيُّ موحّدًا في كل شيءٍ، قتالًا في الميدان، وموقفًا موحّدًا من كلِّ قوى المقاومةِ في المفاوضات، كان آخرها الموافقةُ على انسحاباتٍ مرحليّةٍ من قطاعِ غزة، يُرافقُ ذلكَ صفقاتٌ لتبادلِ الأسرى.

وتمَّ إقرارُ ذلك في مجلسِ الأمنِ، لكن العدوَّ راوغَ وتنصلَ من التزاماته، ويريدُ أن يفرضَ علينا شروطًا هي أقربُ للاستسلامِ منها إلى صيغةٍ مشرفةٍ تجنبُ شعبَنا القتلَ والدمار.

لذلكَ قلنا إننا نتمسكُ بما تمَّ الاتفاقُ عليه؛ انسحابٌ كاملٌ من قطاعِ غزة، وإعادةُ الإعمار، وتبادلٌ للأسرى يضمنُ تحريرَ أسرانا الذين مضى على اعتقالِهم أكثرُ من ثلاثينَ عامًا في معتقلاتِ العدوِّ، وهذا يعني تحريرَ كافةِ أبناءِ الشعبِ الفلسطينيِّ من الأسرى.

معادلةُ الجميعِ مقابلَ الجميع؛ الشعارُ الذي رفعناهُ منذُ بدايةِ معركةِ الطوفان.

وهنا نُطمئنُ أسرانا أنَّ لدى حركةِ الجهادِ وحركةِ حماس والمقاومةِ ما يكفي من الأسرى لنُجري عمليةَ تبادلٍ تضمنُ حريةَ أسرانا.

يا شعبَنا المجاهدَ العظيم...

إنَّ العدوَّ يعتمدُ قصفَ المدنيينَ وقتلَهم يوميًا ليفرضَ على الشعبِ الفلسطينيِّ ومقاومتهِ الاستسلام، ولكنَّ أبناءَكم في المقاومة، وانطلاقًا من روحِ العزةِ لديكم، لن يقبلوا الاستسلامَ وسيقاتلونَ العدوَّ ما استطاعوا إلى ذلكَ سبيلًا.

وها نحنُ اليوم، إذ نتوحّدُ في معركةٍ واحدةٍ مع إخوانِنا في لبنانَ العزةِ والمقاومة، نواجهُ العدوَّ بكلِّ شجاعةٍ واقتدار، ويُقدّمُ إخوانُنا في المقاومةِ الإسلامية النموذجَ الأرقى لمعنى الوحدةِ في مواجهةِ العدوان، ويقدّمون خيرةَ قادتِهم وأبنائِهم في هذهِ المعركةِ المقدسةِ من أجلِ الإسلامِ ومن أجلِ فلسطين.

وهنا من واجبي أن أتوقفَ لأوجهَ التحيةَ للشعبِ اللبنانيِّ ومجاهديهِ، ولروحِ الشهيدِ الكبيرِ قائدِ المقاومةِ ورمزِها سماحةِ السيدِ حسن نصر الله، الذي أمضى حياتَه قائدًا مجاهدًا في مقدمةِ الصفوف، وفلسطينُ تسكنُ عقلَهُ وقلبَهُ، والقدسُ قِبلةُ جهادِه.

وعلى طريقِ القدسِ كان سيدَ شهدائِها، وإن المقاومةَ الفلسطينيةَ والشعبَ الفلسطينيَّ وكلَّ شعوبِ المنطقةِ وأحرارَ العالمِ يُدركون جميعًا أنهم بفقدانِهم سماحةَ الشهيدِ السيدِ حسن نصر الله فقدوا رجلًا كان سيدَ الرجالِ وقائدًا قلَّ نظيرُه.

وسنبقى جميعًا أوفياءَ لروحِه ومآثرِه العظيمةِ خلالَ قيادتِه المميزةِ للمقاومةِ الإسلاميةِ في لبنانَ والمنطقةِ العربيةِ في مواجهةِ العدوِّ الصهيوني، وكذلك إخوانُه من قادةِ المقاومةِ وأبناؤُهم من الشهداءِ.

وسنحملُهم جميعًا راياتٍ عاليةً في مسيرتِنا حتى تحريرِ القدسِ إن شاءَ الله.

وسنُحضرُ أسماءَهم اسمًا اسمًا على أبوابِ القدسِ وأسوارِها.

وسيبقى لبنانُ بشعبِه العزيزِ والمقاومِ عصيًا على الأعداءِ ومنتصرًا رغمَ العدوانِ الهمجيِّ الصهيونيِّ، وسنُقاومُ معًا وننتصرُ معًا إن شاءَ الله.

وفي هذا المقامِ أيضًا نُوجّهُ التحيةَ لإخوانِنا في اليمنِ ودورِهم المميزِ في إسنادِهم للشعبِ الفلسطينيِّ ومقاومته، وفي مقدمتِهم السيدُ العزيزُ والقائدُ الكبيرُ الأخ عبدالملك الحوثي، وشعبُ اليمنِ العظيمُ الذي لم يتردد في إسنادِ المقاومةِ بفرضِ حصارٍ على العدوِّ كان لهُ أثرٌ كبيرٌ ومهمٌ في معركتِنا المقدسة... وكذلكَ الإخوةُ في العراقِ الذين يُقدّمون كلَّ استطاعتِهم من أجلِ مساندةِ الشعبِ الفلسطينيِّ ومقاومته.

وكذلك الإخوة في الجمهورية الإسلامية في إيران ودورُهم التاريخي والمميز في دعمِ الشعبِ الفلسطينيِّ ومقاومته على كلِّ المستويات، ومنذ انطلاقتها كثورةٍ حملت القضيةَ الفلسطينية بكلِّ أعبائها ووضعت إمكانياتِها لدعمِ الشعبِ الفلسطينيِّ ومجاهديه ولدعمِ قوى المقاومةِ التي تُقاتلُ من أجل فلسطين.

وهي تقفُ اليومَ رغم كلِّ الظروفِ التي تحيطُ بها أكثر قوةً وأكثر إصرارًا على دعمِ المقاومةِ ومساندتِها، وقد تُوجَّت ذلكَ كلَّه بالمشاركةِ الفاعلةِ في القتالِ بجانبِ فلسطينَ ومقاومتِها، وبجانبِ لبنانَ ومقاومتِه. يا شعبَنا العظيم، يا شعبَنا المقاتلَ والمنتصرَ بإذنِ الله.

إن صمودَنا اليومَ وقتالَنا من أجلِ حقوقِنا لهوَ من أوجبِ الواجبات، وإن العدوَّ قد حشدَ جيشَه وخلفَه كلَّ قوى الشرِّ والظلمِ في العالمِ من أجلِ إنهاءِ حقوقِنا في فلسطين.

وعلينا جميعًا أن نقاتلَ ونقاتلَ ونصمدَ رغمَ التضحياتِ العظيمةِ لنحافظَ على وجودِنا ونحافظَ على مقدساتِنا ونعودَ إلى وطنِنا فلسطين، وإن لم نقاتلْ سيحولُنا الغزاةُ الصهاينةُ إلى عبيد. إن قتلَهم لنا يجبُ أن يُحوّلَنا جميعًا إلى مقاتلينَ ويجعلَنا أكثرَ وعيًا وأكثرَ وحدةً.

اليومَ شعبُنا أعظمُ شعبٍ بما يحملُ من عدالةٍ في قضيتِه ومشروعيةٍ في قتالِه، وبما يُقدّمُ من نموذجٍ في صبرِه وكبريائِه.

لقد اجتمعتْ كلُّ قوى الشرِّ في العالمِ وعلى رأسِها الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ من أجلِ إخضاعِه، ولكنَّ ما نراهُ اليومَ من صمودٍ وقتالٍ في الميدانِ وتضحياتٍ قلَّ مثيلُها يُؤكّدُ أنَّنا لن نُهزمَ وأنَّنا على طريقِ الحق.

فلا تلتفتوا للمثبّطينَ والمهزومينَ والمترفينَ الذين ارتضَوا حياةَ الذلِّ مهما كان حجمُهم.

بسم الله الرحمن الرحيم:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)

في نهايةِ كلمتي أوجهُ التحيةَ لشعبِنا العظيمِ وإخوانِنا الذينَ وقفوا معنا مقاتلينَ ومساندين. وللشهداءِ جميعًا على كلِّ جبهاتِ القتالِ، في لبنانَ واليمنِ والعراقِ وغزة، وأؤكدُ على ما يلي:

أولًا.. إنَّ وحدةَ قوى المقاومةِ في المنطقةِ هي ضرورةٌ وواجبٌ للانتصار.

ثانيًا.. إنَّ وحدةَ الشعبِ الفلسطينيِّ ومقاومتِه من أوجبِ الواجباتِ في مواجهةِ العدوِّ الصهيونيِّ.

ثالثًا.. إنَّ المقاومةَ في فلسطينَ ستبقى وفيةً لشعبِها ومجاهديها وشهدائِها، وستبذلُ كلَّ ما تستطيعُ من أجلِهم.

رابعًا.. إنَّ المقاومةَ ستبقى وفيةً لمن وقفَ معها وساندَها على امتدادِ العالمِ.

المجدُ للشهداءِ، والنصرُ لنا إن شاءَ الله.

والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.