في مقابلة شاملة لمناسبة الذكرى السادسة لمعركة البنيان المرصوص
المجاهد النخالة:
المقاومة أثبتت أنها لا تنكسر.. ومباحثات التهدئة في القاهرة كانت معقدة
الحياة ليست مفاوضات.. بالقوة نفرض معادلات جديدة على العدو
سلاح غزة يشكل تهديدا استراتيجيا للمشروع الصهيوني
أكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، المجاهد زياد النخالة، أن المقاومة في غزة حققت إنجازات كبيرة وكسرت كل الخطوط الحمراء للعدو خلال عدوان 2014، الذي تصدت له سرايا القدس بمعركة أطلقت عليها اسم (البنيان المرصوص)، كاشفا النقاب عن تعقيدات كثيرة انتابت لقاءات التهدئة التي توسطت لها القاهرة خلال المعركة.
جاء ذلك خلال مقابلة مع المجاهد النخالة بثتها قناة فلسطين اليوم الفضائية، يوم السبت 18/7، تحدث خلالها عن معركة البنيان المرصوص، التي تصادف هذه الأيام ذكراها السادسة، وتناول فيها أيضا عددا من القضايا السياسية الهامة.
وقال المجاهد النخالة: غزة لم ترفع الراية خلال معركة البنيان المرصوص، بل سجلت صمودا، وأثبتت المقاومة أنها لن تنكسر.. حققنا إنجازا كبيرا، رغم عدم رضانا عن شروط التهدئة، وأوصلنا رسالة كبيرة للعدو وللمحيط بأن المقاومة يمكنها المواجهة والحفاظ على غزة". مبينا أنه في تلك الفترة لم يكن هناك أي طرف مساند لغزة، الأمر الذي زاد الضغط على المقاومة.
وأضاف الأمين العام للجهاد: هذه الحرب جرت في ظروف معقدة بخلاف المعارك السابقة، فالبيئة لم تكن مواتية، كان لمصر موقف من قطاع غزة، كان الخلاف الفلسطيني قائما والحصار يشتد، وكل هذه الظروف تسببت في إطالة أمد المعركة التي استمرت 51 يوما".
وفي حديثه عن كواليس لقاءات التهدئة في القاهرة، والتي تزامنت مع عدوان 2014، قال المجاهد النخالة: بعد أسبوع من العدوان، تقدمت مصر بمبادرة لوقف إطلاق النار، نحن في قوى المقاومة اعتبرنا أنها غير منصفة للشعب الفلسطيني، ورفضناها لأنها ساوت بين الضحية وبين الجلاد".
وتابع بالقول: أنا أول شخص فلسطيني ذهبت للقاهرة لبحث التهدئة بعد أن طلب المصريون الاستماع للموقف الفلسطيني، وكانت العلاقات بين حماس وبين مصر مقطوعة، وأذكر أن الأخ موسى أبو مرزوق ظل في القاهرة لأكثر من أسبوعين دون أن يتواصل معه أحد".
وأضاف المجاهد النخالة: التقيت مع الرئيس أبو مازن ومع موسى أبو مرزوق، وتحدثنا حول إيجاد مخرج لهذا الوضع، وتبني موقف فلسطيني موحد في مواجهة العدوان، ونتيجة لاتصالات أبو مازن مع الأخ خالد مشعل ومع الدكتور رمضان شلح تم التوافق على تشكيل وفد فلسطيني موحد بقيادة السلطة، كبديل عن المبادرة المصرية التي رفضناها"، موضحا أن السلطة لم تكن مقتنعة بمطالب المقاومة في البداية، والتي تمثلت بإقامة ميناء ومطار لغزة، وأن مصر استغلت الوضع لتصفية بعض الحسابات مع حركة حماس.
وأشار إلى أن المصريين في بداية اللقاءات، قالوا إنهم وسطاء محايدون وليسوا طرفا في المعركة، الأمر الذي شكل خيبة أمل للوفد الفلسطيني، موضحا أن المصريين اعتذروا لاحقا عن هذا التعبير.
وبيّن الأمين العام النخالة، أن المصريين تركوا للوفد الفلسطيني حرية صياغة طلبات جديدة للتهدئة بعد أن سحبوا مبادرتهم، الأمر الذي فاقم المأزق، لسبب وجود 13 فصيلا على طاولة الحوار، لكل فصيل مطالب وشروط زادت الأمر تعقيدا.
واستطرد بالقول: نحن وضعنا عددا كبيرا من المطالب، جزء منها يمكن تحقيقه، وجزء آخر تدرك الأطراف المطلعة أنه لا يمكن تحقيقه في ظل حصار غزة، والموقف السلبي للمحيط، ولم نلمس من الطرف المصري ضغطا على الطرف الإسرائيلي، بل كان المصريون فقط ينقلون مطالبنا، ويأتون لنا بمطالب العدو، في محاولة لإيجاد صيغة تتناسب مع الموقف الإسرائيلي المتعنت".
وقال: في الأسبوع الأخير انتاب الملل البعض، وغادر وفد منظمة التحرير، وبقي وفدا حماس والجهاد، ولم يكن هناك إدارة للمحادثات تتناسب وحجم المعركة، ليتم أخيرا صياغة اتفاق مع مصر وعبر اتصالات مع الإسرائيليين، لسريان التهدئة خلال 24 ساعة".
وأثنى المجاهد النخالة، على الأمين العام الراحل الدكتور رمضان شلح، الذي كان له حضور مميز في معركة البنيان المرصوص، مشيدا بتوجيهاته وبدوره الكبير خلال فترة التباحث حول وقف النار في القاهرة.
وشدد المجاهد النخالة، على أن المقاومة كانت على مدار أيام معركة البنيان المرصوص تسجل انتصارات واضحة، حيث طالت نيرانها كل المدن الإسرائيلية، الأمر الذي جعل الاحتلال يوسع عدوانه، ويستهدف المباني السكنية، ليوصل رسالة للمقاومة مفادها "إن لم تقبلوا بوقف إطلاق النار سنهدم غزة".
وأشار إلى أن استهداف الاحتلال للأبراج والمباني السكنية، شكل نقطة ضعف للمقاومة، التي رأت ضرورة تفويت الفرصة على العدو، الذي كان سيتذرع برفض الفصائل للتهدئة، ليستمر في هدم المباني.
وأكد المجاهد النخالة، أن غزة لم تنكسر بعد أن قدمت 3000 شهيدا و عشرات آلاف الجرحى، وبعد تدمير آلاف المباني والشقق السكنية والمقرات والمؤسسات والبنية التحتية.
وتابع بالقول: العدو لم يستطع دخول غزة، وكان مرتبكا في كل مدنه الكبرى على مدار 51 يوما، وكسرت هيبته بإمكانيات محدودة" متوجها بالتحية لكل المجاهدين الذين يعملون في التصنيع ليل نهار والذين يصنعون مجدا للشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن غزة رغم ما تعانيه من حصار وقلة إمكانيات، إلا أنها تصنع سلاحها بأيدي أبنائها، ومن التراب، لتشكل به تهديدا استراتيجيا وهاما لمشروع الاحتلال، مضيفا: لا أريد أن أتحدث عن مفاجئات، الميدان هو الذي سيحكم، وغزة سترد على أي عدوان مهما بلغ حجمه، وستواصل تطوير قدراتها، والمقاومة تتسلح يوميا وتقوم بأعمال كبيرة".
التهدئة بغزة
وفيما يخص موضوع السعي لتهدئة الأوضاع بغزة، أشار المجاهد النخالة إلى وجود جهود كبيرة في المنطقة لتهدئة الوضع بغزة تحت بند التفاهمات الفلسطينية الإسرائيلية، وأن مصر لعبت دورا في ذلك، وكذلك كان لدولة قطر دور عبر المنحة القطرية من أجل ترضية غزة والوصول للهدوء من مدخل الاحتياجات الإنسانية، موضحا أن إسرائيل تريد غزة بدون سلاح، كشرط للهدوء ولإدخال المساعدات.
وأوضح أن الناس يكتشفون بأن حركة الجهاد تختلف بعد كل معركة عما قبلها، رغم تعمد بعض الجهات بتغييب دور الحركة عن منصاتها الإعلامية، مضيفا: الجهاد حركة إسلامية وطنية مجاهدة، لها حضور في الميدان والمعارك، ومنذ نشأة الحركة كانت رقما صعبا وحاضرا في الصراع مع إسرائيل بغزة والضفة، ويشهد بذلك معركة جنين الكبرى، ووادي النصارى وزقاق الموت، ومعارك وعمليات أخرى سجلت خلالها الحركة حضورا يميزها عن الآخرين، وظلت ثابتة حتى في مواقفها السياسية التي لم تساوم عليها".
خطة الضم
من جهة أخرى، تطرق المجاهد النخالة خلال المقابلة التلفزيونية للحديث عن الخطة الإسرائيلية لضم الضفة الغربية، مبينا أن هذه الخطة، هي جزء من مشروع العدو القائم على جعل الضفة محور الكيان، وتصوير يافا وتل أبيب وعكا والقدس التي احتلتهم إسرائيل بأنهم مجرد هوامش.
وزاد بالقول: نحن كفلسطينيين غاب عنا هذا المشهد، وبدأنا نتعاطى مع الحراك السياسي الدولي والمبادرات الدولية، ولم يُقدم لنا أي مبادرة للحل، بل ما تم تقديمه هو تنازلات، وتكيفنا مع الوضع، وخضعنا للمزاج الإسرائيلي والدولي كي نبدو أمام الأطراف أن لدينا مرونة" واصفا طريق المفاوضات إلى ما لا نهاية، بالخيار الظالم للشعب الفلسطيني.
وقال: للأسف الفلسطينيون تنظيمات وقوى سياسية ومنظمة تحرير يعتقدون أن هذه المبادرات تستعطف الرأي العام الدولي، ويتناسون أن إسرائيل أقيمت بقرار من مجلس الأمن والأمم المتحدة على أرض فلسطين" معربا عن قناعته بضرورة وجود مقاربة فلسطينية تختلف عن كل الماضي.
وأشار المجاهد النخالة إلى أن الحياة عبارة عن موازين قوى تفرض بالقتال "فعندما لا يجد العدو الصهيوني من يقاتله، سيتغول على كل الأرض الفلسطينية، وعندما يُواجه العدو بالمقاومة سيتراجع عن حلمه بالسيطرة على الأرض، وستفرض عليه معادلة جديدة".
واستدرك الأمين العام للجهاد قائلا: لكن عندما نبادر بالحلول السياسيه التي لا قيمه لها ويعتبرها العدو من منطلق ضعف، فنحن لم نحقق أي إنجاز، واتفاق اوسلو مثال واضح وصريح، السلطة في تلك المرحلة قبلت باتفاق أوسلو، ووافقت على الوهم، ولا زالت تراوح مكانها" لافتا إلى أن السلطة اليوم منفتحة على الإسرائيليين ومنغلقة على الفلسطينيين.
ومن جانب آخر، أكد المجاهد النخالة أن قيادة الجهاد الإسلامي في الخارج لا تسكن في الفنادق، لأنها في صراع دائم مع العدو.
وقال بهذا الصدد: نحن في الخارج نعاني مثل شعبنا في الداخل بحيث تقصف بيوتنا ونلاحق من الموساد ولا نجلس في الفنادق كما يدعي البعض لأن من يجلس بها لا تستهدفه إسرائيل، يجب أن يكون لدينا استعداد للتضحية".
الوحدة بين فتح وحماس
وفيما يتعلق بجهود الوحدة وإنهاء الانقسام بين حركتي حماس وفتح، بيّن الأمين العام للجهاد أن هناك مبادرة لفعاليات مشتركة بين حماس وفتح في غزة، وأن موقف الجهاد الإسلامي تجاه الوحدة الوطنية إيجابي ومن دون حدود وتدفع باتجاه هذا الموقف "حتى ولو كان على حسابنا" بحسب وصف المجاهد النخالة.
وأكد أن "ما يهمنا هو الموقف والبرنامج السياسي ونحن في حركة الجهاد لا ننافس على الموقع السياسي بل على البرنامج".
وتابع بالقول: الوضع الفلسطيني مليء بالمبادرات ومبادرة الدكتور رمضان شلح التي رفضتها فتح والسلطة، لا تزال قائمة وصالحة ونحن وحماس ضمن رؤية واحدة وبرنامج سياسي واحد".
وأوضح النخالة أن اللقاء بين جبريل الرجوب وبين صالح العاروري مؤخرا كان جيدا وشكل خطوة إيجابية، مستدركا: لكن أخشى تطويعه لاحقا في مكانه غير الصحيح.. المؤتمر الصحفي بين الرجوب والعاروري مشهد جيد ورحبنا بهذه الخطوة في سياق محاولة رأب الصدع لكن ما خلف هذه الصورة هناك أشياء يجب أن تعالج".
وقال: موقفنا دائما إيجابي باتجاه تحقيق الوحدة، ويعنينا الموقف السياسي والبرنامج السياسي، ولا نختلف من يقود، أبو مازن أم أبو العبد هنية، بل ندفع للتقارب ولوحدة الحالة الفلسطينية".
إلى ذلك، أكد المجاهد النخالة أن لدى حركة الجهاد الإسلامي رؤية وأن الحركة ليست محايدة في موقفها تجاه العدو، موضحا أن المعارك لا تدار عبر التعايش مع العدو، لأن الاستسلام يعني الموت.
وتابع بالقول: غزة وضعت معادلة، أي عدوان أو عملية اغتيال سيتم الرد عليهما بقوة، وبالتوافق بين الفصائل والغرفة المشتركة".
وشدد على أن الخلاف مع الاحتلال الإسرائيلي هو خلاف على التاريخ والجغرافيا والمستقبل والمقدسات وليس على الطعام.
وأوضح الأمين العام للجهاد أن لحركته ولحماس رؤية واحدة في الصراع، وينسقان معا في الميدان، رغم وجود بعض الخلافات أحيانا.
الأسرى في السجون
وفي موضوع الأسرى في سجون الاحتلال، أكد النخالة أن هذه القضية هامة، وأن التباحث مستمر للإفراج عنهم، مشيرا إلى أن المقاومة جاهزة لإبرام صفقة تبادل وأعدت قوائمها وصاغت مطالبها، لكن العدو حتى الآن لم يقدم شيئا، والمفاوضات معه متوقفة.
ودعا المقاتلين للعمل على تحرير الأسرى، عادا ذلك واجبا على كل شخص وجماعة سياسية.
وتحدث الأمين العام للجهاد، عن التطبيع العربي مع دولة الاحتلال، والاتفاقيات بين إسرائيل ومصر والأردن.
كما تطرق النخالة للوضع الإقليمي والعربي والدولي، وللعلاقات والصراعات بين بعض الدول، كالصراع المصري الاثيوبي على سد النهضة، والتدخلات في ليبيا، واستمرار اعتداءات التحالف العربي بقيادة السعودية على الأراضي اليمنية، والمحاولات الحثيثة من قبل أمريكا وحلفائها لإضعاف إيران، وتحدث عن الوضع الداخلي الأمريكي في ظل تفشي جائحة كورونا، والمظاهرات العنصرية والوضع الاقتصادي، مبينا أن تردد الموقف الأمريكي بسبب هذه التطورات انعكس على الموقف الإسرائيلي فيما يخص خطة الضم.