نص كلمة الأخ المجاهد / زياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين خلال مؤتمر شعبي بمناسبة ذكرى الاسراء والمعراج و ذكرى فتح القدس للتأكيد على أن (القدس عربية إسلامية)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه إلى يوم الدين.
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
هذا يوم عظيم، ويوم من أيام الله الذي غير فيه سبحانه وتعالى سننًا وقوانين وضعها منذ الأزل، تكريمًا للنبي الأكرم والأعظم عند الله. والذي دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، والذي رأى ما رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى. وأضفى على مكان معراجه ما أضفى من القداسة، بهذا الحشد من الأنبياء والرسل، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وجعله إمامًا لهم جميعًا، وجعل المكان وكل ما حول المكان مباركًا. وهنا نتحدث عن صاحب الذكرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقيمته ومكانته التي أضفت قداسة على المكان وعلى الزمان، فكانت أرض الرباط، ومن كان فيها فليبقَ مرابطًا إلى يوم القيامة، وليبقَ حارسًا لهذه الأرض المقدسة. وكانت مشيئة الله أن يكون شعب فلسطين هو الذي يعيش في هذا المكان. ولذلك كان من واجباته الدفاع عنه، والحفاظ عليه.
لسنا من هواة الحرب، ولكن ماذا نفعل إذا ما وقع علينا عدوان فاضح وواضح، يريد الزمان ويريد المكان؟! أنحارب وندافع عن أنفسنا وأطفالنا وتاريخنا، أم نستسلم؟! لقد وضع شعبنا بين حدين؛ حد السيف والحرب، أو حد المذلة والاستسلام، وعلينا نحن أن نختار... لقد أعلن الغرب الحرب علينا منذ إنشاء الكيان الصهيوني على أرضنا فلسطين، ومقدساتنا في القدس. أنحارب، أم نستسلم؟! هذه هي الحكاية. وإن الذين لا يقاتلون من أجل القدس، ومن أجل فلسطين، هم آثمون، وبعيدون عن روح الإسلام.
هذه هي قناعاتنا واعتقادنا، وهذه هي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وكل الذين لهم حكاية أخرى، نعتقد أنهم لا يعرفون "إسرائيل"، ولا المشروع الصهيوني...
الإخوة والأخوات
إن ما يجري اليوم هو ترويض للعقل الفلسطيني، وبكل الوسائل، بأننا يجب أن نقبل بالأمر الواقع، ونتعايش مع الاحتلال ومع المشروع الصهيوني بسلام، ونقبل بالقتل وبالمذلة في كل مكان... فهذه هي موازين القوى، وعلينا أن نقبل بها. ولنعترف بإسرائيل، حتى نعيش كما تعيش باقي شعوب الأرض بسلام وحرية، كما يقولون.
يريدوننا أن نعيش كجالية في كيان الاحتلال، وأن نتحول حراسًا لمستوطنات العدو، بدل أن نحرس مقدساتنا. ويشيعون الروح الانهزامية التي تريد تعميمها بعض النظم العربية السياسية في أوساط شعوبها، بأن الظروف التاريخية التي انتهينا إليها نحن العرب، لم تعد تحتمل مواجهة الكف للمخرز الصهيوني الأمريكي. ونسوا وتجاهلوا أن همة الشعب الفلسطيني، وهمة شعوبنا العربية والإسلامية، أكبر من كل توقعاتهم، وأكبر من أحلامهم.
نحن شعب لا حياة لنا خارج الجهاد والمقاومة، وإلا سوف نتحول عبيدًا وعمالاً داخل المستوطنات الصهيونية التي تقام على أرضنا، ولم تتوقف لحظة واحدة.
إن حركة الجهاد الإسلامي، انطلاقًا من هذه الرؤية الواضحة، لن تشارك في الانتخابات، رغم المناخات التي تشيعها وسائل الإعلام، والآراء والمقالات التي يتم نشرها هنا وهناك، والتي ترسم أجواءً وأحلامًا مريحة للمستنزفين في أقواتهم، حتى تجلبهم إلى صناديق اقتراع لا يعلمون إلى أين ستقودهم، وبعد ذلك سيقال لهم: أنتم الذين انتخبتم، وعليكم تحمل النتائج... كما حدث في الانتخابات السابقة.
لقد قررنا عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع، لأنها تنطوي على مخاطر كبيرة. المسألة ليست، كما يطرح بعض المغرضين، بخشية الجهاد من عدد المقاعد التي ستحصل عليها، أو بعض أصحاب النوايا الحسنة الذين يشفقون على حركة الجهاد من العزلة. إن المسألة تتعلق بأي برنامج نذهب إلى الانتخابات؟!
إن رفض الاعتراف بشرعية العدو الصهيوني، وعدم التنازل عن حقنا في فلسطين، هي الأسس التي نراها ركيزة للوحدة الوطنية، والتي يمكنها فقط أن تأخذنا إلى إطار جامع، كمنظمة التحرير الفلسطينية. فنحن لا نريد إعادة التجربة مرة أخرى، والوقوع ضحايا الذين يعتقدون أنه لا خيار أمامنا إلا بالتكيف والمداراة، وأنه لا بد من المرونة، وتقديم الصيغ الكفيلة لتقبل بنا المعادلة الدولية والإقليمية. إن هذا المنطق، وهذه الواقعية، لا يقابلها في الطرف الآخر إلا الإصرار على أن فلسطين هي "إسرائيل"، وأن القدس هي "أورشليم". فهل نعيد التجربة مرة أخرى، ونكمل الركض خلف السراب؟!...
لقد أضاعوا سنوات من المفاوضات، عندما كانت موازين القوى أفضل. فماذا تعطينا موازين القوى الدولية والعربية الآن، في ظل اعتراف مسبق بالعدو دون أدنى مقابل؟!
وعليه، فإننا نؤكد مرة أخرى على موقفنا الثابت، والذي يستند إلى حقائق ملموسة ومعاشة؛ أن دخول حركة الجهاد الإسلامي منظمة التحرير، في ظل الوضع الحالي للمنظمة التي تحكمها سياسة الاعتراف بالعدو دون مقابل، سيكون محكومًا لطبيعة الحوارات التي ستجرى في القاهرة بعد أيام قليلة... ونأمل أن نتوصل إلى اتفاق وطني شامل، يجعل من منظمة التحرير الفلسطينية مرة أخرى قائدة للمشروع الوطني الفلسطيني... فنحن لم نختلف على وجود المنظمة في يوم من الأيام، ولكننا اختلفنا على برنامج المنظمة الذي حول منظمة التحرير إلى منظمة محصورة ومقيدة في اتفاق أوسلو، وحصر دورها في حدود الحكم الذاتي... والذي نعتبره ورقة صهيونية تم التوقيع عليها من قبل قيادة منظمة التحرير، لا تضمن أي حقوق للشعب الفلسطيني. وللأسف ما زالت السلطة متمسكة بها، لأنها هي التي تضمن بقاءها كسلطة، لا تتمتع بأي سيادة جدية على الأرض، ولا على السكان. وتريد السلطة اليوم أن تذهب إلى الانتخابات، لتجديد شرعيتها على نفس الأسس التي قامت عليها. وقد اختلفنا معها في حينه. وبرغم اختلافنا مع السلطة لم يمنع ذلك التفاوض مع العدو. ورغم ذلك بقي الاحتلال، وتمدد الاستيطان، وازدادت شراسة العدو، حتى تم تطويب القدس عاصمة للكيان الصهيوني، تحت سطوة الولايات المتحدة الأمريكية وغطرستها.
إن إجراء انتخابات جديدة، دون رؤية وطنية، وبرنامج سياسي واضح، ستأخذنا هذه الانتخابات حتمًا إلى مفاوضات جديدة مع العدو، في ظل خلل كبير في موازين القوى، أسوأ من أي وقت مضى. وبالتالي كل ما سوف يترتب على ذلك هو إملاء شروط إسرائيلية جديدة، وتجديد لشرعية هذا الكيان الذي قام أصلاً على تشريد الشعب الفلسطيني وطرده من أرضه.
نحن ندرك أننا نحارب في ظل اختلال ميزان قوى إستراتيجي لصالح العدو، ولكن يجب ألا يجعلنا هذا نستسلم، ونتخلى عن مسؤوليتنا، ونقبل باحتلال أرضنا ومقدساتنا وتشريد شعبنا. لم يفعل هذا شعب واحد في التاريخ، فما بالكم بشعبنا العربي المسلم الذي كلفه الله بالرباط في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس. أي عار سيلحق بشعبنا وأمتنا، ونحن نقبل بالقدس وفلسطين تحت الاحتلال الصهيوني. فلنجدد العزم، ونشحذ الهمم، ونلتف حول المقاومة، فالمستقبل لنا إن شاء الله...
"وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" صدق الله العظيم.
اللهم فاجعلنا من عبادك الذين يدخلون المسجد الأقصى فاتحين منتصرين...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته