"يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"
ما أعظمها من صفحة من صفحات الشعب الفلسطيني ونضاله تلك التي خطّها الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي بيديه في تشرين وما أجمله من مدادٍ سقى به أبناؤه هذه الصفحات المتتالية التي بلغت صفحتها الثانية والثلاثين، مدادٌ مخضبٌ قانٍ يحمل معه التضحيات والشهداء والمقاومة والموقف المشرف البعيد عن كل العثرات التطبيعية والتسويات المجحفة.
مدادٌ يروي معه تحدي الأسير للسجّان على قوته، وفراره منه بل والاشتباك مع قواته والشهادة، ويروي أيضاً فطرة المجاهد المتواضعة الذي سطر بسكينه الطاهرة بداية زمن البسالة والمقاومة، هذا المداد الذي ظل يجري كما تجري الخيل في عنفوانها وعلى خطى كل انثناء ترى الخير معقودا، فهذا المداد خيلٌ وكاتبه فارسٌ ومضمونه الشهادة.
المداد الطاهر هو المزيج العجيب الاستثنائي بين الأصالة الإسلامية والفكر الإسلامي والقضايا العصرية، وهو المزيج القرآني العجيب بين الشدة على الأعداء دون لومة لائم والرحمة لأبناء شعبنا، وهو أيضاً مدادٌ سطره المجاهدون والمجاهدات على السواء، فلم تغب شمسهنّ عن قمره، فكان لهنادي جرادات وهبة دراغمة وخنساء فلسطين أم رضوان الشيخ خليل نصيب في هذا المداد.
انطلاقٌ يعيد معه الذكرى والذاكرة بشهودٍ كثر على نماء هذه الحركة وثبات فرعها في المجتمع الفلسطيني في زمنٍ قياسي، انطلاقٌ يعيد البعث والحياة لفكرة المقاومة الإسلامية ويعيد الاعتبار للمشروع الإسلامي ويسبغه دوراً طليعياً في مواجهة الاحتلال، وكأن الله –عز وجل- قد هدى هذه الحركة وأبناءها سبله بعد أن اتخذوا الجهاد طريقةً وأسلوباً ومنهجاً، فقد قال –جل جلاله-:"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين".
أي إحسانٍ هذا الذي جعل أبناء سرايا القدس بعد 32 عاماً يستقبلون رمضان الماضي بذات إخلاص محمود الخواجا ومحمود طوالبة، أي إحسانٍ هذا الذي جعل به أبناء سرايا القدس هلال رمضان بدراً يغير على المحتل ويزيل غشاء الردع المتهالك لدولة الاحتلال، ويقتص لشهداء فلسطين، دون حسابات ودون مساومةٍ ودون أثمان سياسية.
في ذكرى انطلاقة الحركة المجاهدة، نعاهد الله أن نبقى الملح الذي سيبقي جرح فلسطين حياً، نعاهد الله أن نرفض جميع مقترحات التسوية.
أخوكم أبو الحسن حميد
عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين
الجمعة 2019/10/4