نص كلمة الامين العام في حفل اشهار موسوعة الشهداء

01:32 م الخميس 19 ديسمبر 2019 بتوقيت القدس المحتلة

نص كلمة الامين العام في حفل اشهار موسوعة الشهداء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا وقائدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين.

 

الحشد الكريم من عوائل الشهداء وأبناء الشهداء...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الشرف العظيم لكم ولنا جميعا، وهو أكثر من أي شرف آخر يمكن أن يفتخر به الإنسان على أخيه الإنسان؛ إنه شرف الشهادة التي منحها الله لنا، لنكون أقرب إليه، ونكون أكثر من مجرد أجساد من لحم ودم تنتهي بانتهاء الحياة فيها وتصبح ترابا...

إنها الشهادة التي وهبها الله للإنسان، ليبقى حيا يرزق حين يموت الناس. والشهيد حي بقول الله عز وجل: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون".

والشهداء "في مقعد صدق عند مليك مقتدر"، والشهداء"لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، والشهداء"أحياء ولكن لا تشعرون"، والشهداء"فرحين بما آتاهم الله من فضله"...

 

هؤلاء هم الشهداء الذين نحن بحضرتهم اليوم، نحتفي بهم وبعائلاتهم وأبنائهم الذين فازوا علينا جميعا، بأنهم "أحياء عند ربهم يرزقون". وفازوا علينا بأنهم يشفعون لسبعين من أهلهم. وفازوا علينا بأنهم "فرحين بما آتاهم الله من فضله". نحن تأخذنا الأرض ومعايير الأرض ونحزن، وهم تأخذهم معايير السماء فيفرحون...

الأمهات والزوجات والأبناء الذين تحضرون اليوم في هذا الحفل المبارك، والذي يعتبر من أهم احتفالاتنا في هذه الحياة وأكرمها، رغم الحزن الذي يرافق الفراق لكل أسرة وعائلة، ورغم ما يرافق ذلك أيضا من معاناة، إلا أننا يجب أن نرسي مفاهيم وسلوكيات جديدة في الصبر؛ ولتتحول أحزاننا إلى أفراح...

فإذا كان أبناؤنا وآباؤنا الشهداء، بنص القرآن"فرحين"، فلماذا نحزن نحن الذين سنلحق بهم آجلا أم عاجلا؟! ولماذا نحول خيارات من نحب إلى غم وكآبة وحسرة؟!

نحن من واجبنا أن ندعو لهم الله بالقبول، ليكملوا رحلة الحق، ورحلة الإيمان إلى الله. وندعو الله أن نلحق بهم مؤمنين، وثابتين على ما آمنوا به، واستشهدوا من أجله... نحن جميعا ذاهبون إلى الموت، وبأشكال مختلفة. ولكن الشهيد يختار موتته، ونحن لا نختار. وهنا الاختيار يكون اصطفاء من الله، والتقاء بين اختيار الشهيد واختيار ربه له.

 

"إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ"

 

فنحن هنا لنكرم لا لنحزن، ونحن هنا لنتعلم معنى الشهادة...

الأمهات والآباء والزوجات والأبناء...

ونحن هنا في حفل تكريم الشهداء بالكتابة عنهم، وإصدار موسوعة تضمهم جميعا، وهنا أقدم الشكر والتحية للإخوة في مهجة القدس الذين قاموا بهذا العمل الكبير والمقدر، ليس فقط لتكريمهم، ولكن أيضا ليبقوا أحياء بيننا، ونموذجا لنا في التضحية والفداء، ونموذجا لأجيال قادمة أيضا تحتاج لمعالم تنير الطريق للذين يقاتلون من أجل الحرية، ومن أجل الوطن، المصدر :-->